تركيا تتجه نحو الاكتفاء الذاتي في صناعة المحركات الدفاعية

لا تزال تركيا تواجه تحديات كبيرة بسبب اعتمادها الجزئي على استيراد المحركات والقطع الأساسية لصناعاتها الدفاعية، رغم التطور اللافت الذي حققته هذه الصناعة في السنوات الأخيرة. فالعقوبات الأميركية وحظر ألمانيا توريد محركات مشروع الدبابة التركية “ألتاي” كادت أن تعطل المشروع، ما دفع تركيا إلى تبني إستراتيجية مزدوجة تجمع بين الاستيراد المؤقت من مصادر بديلة مثل كوريا الجنوبية، وتطوير أنظمة الدفع والحركة محليًا لضمان السيطرة الكاملة على صناعاتها الدفاعية وتفادي الابتزاز السياسي.
إستراتيجية رباعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي
وضعت رئاسة الصناعات الدفاعية التركية إستراتيجية شاملة لتحقيق الاستقلالية في أنظمة الدفع والحركة على البر والبحر والجو، مقسمة إلى أربعة محاور رئيسية:
- المحركات الغازية التوربينية: تركز على المحركات النفاثة والمروحية عالية الدفع.
- محركات المركبات البرية: تشمل محركات الديزل الثقيلة وناقلات الحركة للدبابات والمركبات المدرعة.
- محركات الديزل البحرية الوطنية.
- أنظمة الدفع الكهربائي البحرية الوطنية.
وتوضح هذه المحاور أن التركيز لم يقتصر على المحركات البرية والجوية فحسب، بل شمل أيضًا المحركات البحرية وأنظمة الدفع الكهربائي لتجنب أي قيود مستقبلية على توريد القطع البحرية.
تقدم ملموس في المحركات المحلية
بدأت الصناعة الدفاعية التركية في تصنيع وإنتاج المحركات بعد سنوات من البحث والتطوير، وحققت نتائج إيجابية في التجارب الأولية:
- المركبات البرية: دخلت مدرعات “فوران” و”كيربي” الخدمة بمحركات “تونا” المحلية. كما تم اختبار محرك “أوتقو” للمركبات الثقيلة و”باتو” لمدرعة “ألتاي”، إلى جانب الجيل الثاني من محرك “أزرا جن 2” للناقلات ومركبات الدعم اللوجستي.
- المروحيات والطائرات بدون طيار: دخل محرك “بي دي 200” الخدمة في طائرات “بيرقدار تي بي 3″، بينما تستخدم “آنكا” و”أق سنقر” محرك “بي دي 170″، وتستمر اختبارات محرك “تي إس 1400” لطائرة “غوك باي”.
- المحركات النفاثة: أنتجت تركيا محركات “كي تي جي 3200″ و”كي تي جي 3700” لصواريخ مثل “أطمجه” و”سوم” و”تشاقير”.
- المحركات البحرية: دخلت محركات “لوند” و”مارين إكس 7″ الخدمة على الزوارق الحربية “مارلين” و”أولاق سيدا”، إلى جانب اختبارات محرك “مافي باتو” للسفن الحربية.
الرهان على الطائرة “قآن”
تولي تركيا أهمية كبيرة لتطوير محرك “تي إف 35000” لطائرة الجيل الخامس “قآن”، إلى جانب وحدة الطاقة المساعدة، لضمان عدم تعطّل المشروع. ولحين اكتمال تطوير المحرك، تعتمد الشركة المصنعة “توساش” مؤقتًا على محرك “إف 110” من شركة جنرال إلكتريك الأميركية المستخدم في طائرات “إف-16″، بينما جاري الحصول على موافقة الكونغرس الأميركي لتوريد المحركات. كما جرى التشغيل الفعلي لمحرك “تي إف 6000” لطائرة “العنقاء 3″ و”تي إف 10000” لطائرة “قزل إلما”.
صعود قياسي في السوق العالمية
أسهم هذا التطور في تعزيز استقلالية الصناعة الدفاعية التركية، ما منحها شهرة وثقة عالمية، وجعلها ضمن كبار مصدري الأسلحة. فقد احتلت تركيا المرتبة 11 عالميًا وفق تقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI) حول صادرات الأسلحة، حيث ارتفعت الصادرات بنسبة 103% بين 2020 و2024 مقارنة بالفترة السابقة، في حين تراجعت الواردات بنسبة 33%.
كما دخلت خمس شركات تركية قائمة مجلة Defense News لأقوى 100 شركة دفاعية عالميًا لعام 2025، بإيرادات إجمالية بلغت نحو 11 مليار دولار، بزيادة 28% عن عام 2024، ما يعكس القوة المتنامية لهذه الصناعة في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز القدرة الدفاعية الوطنية.









