أفغانستان تسعى لجذب الاستثمار الأوزبكي في نفق سالنك الثاني لتعزيز الربط الإقليمي

في إطار جهودها لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، دعا نائب رئيس الوزراء الأفغاني، الملا عبد الغني برادر، خلال زيارته إلى أوزبكستان على رأس وفد حكومي، السلطات الأوزبكية إلى الاستثمار في مشروع نفق سالنك الثاني، الذي يعد محورًا استراتيجيًا لربط جنوب آسيا بوسطها.
مشروع استراتيجي لتعزيز الترابط الإقليمي
أكد برادر خلال لقائه رئيس الوزراء الأوزبكي، عبد الله عاروف، أن بناء النفق الجديد سيسهم بشكل كبير في توسيع العلاقات التجارية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدولتين. من جانبه، أوضح وزير التجارة الأفغاني، نور الدين عزيزي، أن بلاده تعمل على تقليل الاعتماد على المعابر مع باكستان من خلال تطوير شبكة الطرق وربط أفغانستان بأسواق آسيا الوسطى.
تاريخ نفق سالنك.. شريان حياة بين الشمال والجنوب
يعود تاريخ فكرة إنشاء طريق يربط شمال أفغانستان بجنوبها إلى عهد الأمير شيرعلي خان (1868 – 1879)، حيث يقع نفق سالنك على ارتفاع 3,950 مترًا فوق مستوى سطح البحر، شمال العاصمة كابل.
بدأ العمل على بناء النفق عام 1955 بأمر من الملك الراحل محمد ظاهر شاه، واكتمل عام 1964 بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي. وقد ساهم في تقليل المسافة بين الشمال والجنوب بمقدار 110 كيلومترات، حيث كان التنقل بين المنطقتين يتم سابقًا عبر خمس طرق جبلية وعرة.
بلغت تكلفة بناء النفق 636 مليون دولار أميركي، وكان يستوعب يوميًا نحو 600 سيارة، ومع تركيب أنظمة التهوية عام 1973 ارتفع العدد إلى 2,000 سيارة.
لكن النفق تعرض لأضرار جسيمة خلال الحروب الأهلية، حيث شهد معارك عنيفة بين قوات أحمد شاه مسعود والقائد الأوزبكي عبد الرشيد دوستم، كما تم تدمير جزء منه عام 1998 لمنع تقدم قوات طالبان. ورغم بدء عمليات التأهيل بعد عام 2002 بالتعاون مع البنك الدولي، إلا أن النفق لا يزال بحاجة إلى صيانة شاملة.
الحاجة الملحة لنفق جديد
يواجه نفق سالنك الحالي تحديات كبيرة بسبب تهالك بنيته التحتية، وضعف التهوية والإضاءة، وغياب معايير السلامة الحديثة. وهو الطريق الوحيد الذي يسمح بمرور الأشخاص والبضائع بين الشمال والجنوب على مدار العام، مما يجعله عنصرًا حيويًا في التجارة الإقليمية.
تقدر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الخسائر الاقتصادية الناتجة عن ازدحام النفق بحوالي 60 مليون دولار سنويًا، حيث تعبره أكثر من 5,500 مركبة يوميًا، وهو ما يتجاوز طاقته الاستيعابية بكثير.
في عام 2012، أجرت الوكالة دراسة فنية لبناء نفق جديد يمتد بين ولاية بروان ومنطقة دوشاخ في ولاية بغلان، يمر عبر جبال هندوكوش. وأظهرت الدراسة أن النفق الجديد سيقلل مسافة السفر بنحو 40 كيلومترًا مقارنة بالطريق الحالي، كما سيسهم في خفض مدة الرحلة من 72 ساعة إلى 10 ساعات، ويوفر 300 كيلومتر بين العاصمة كابل والولايات الشمالية.
فرص استثمارية ودعم دولي
كانت الحكومة الأفغانية السابقة قد أعلنت عن خطط لبناء النفق الثاني، بتكلفة تقدر بـ 129 مليون دولار، حيث تعهدت اليابان بتقديم 92 مليون دولار لتمويل المشروع، لكن التحديات الأمنية والاقتصادية حالت دون تنفيذه.
ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أهمية هذا المشروع، إذ سيضاعف القدرة الاستيعابية لنقل البضائع والأشخاص، ما يعزز التجارة بين أفغانستان ودول الجوار، مثل باكستان والهند، اللتين تستخدمان الأراضي الأفغانية للوصول إلى أسواق آسيا الوسطى.
اهتمام الحكومة الأفغانية بالمشروع
نظرًا لأهمية النفق في ربط جنوب آسيا بوسطها، تولي الحكومة الأفغانية الحالية اهتمامًا كبيرًا بإصلاح النفق القائم وإنشاء النفق الجديد، باعتباره مشروعًا استراتيجيًا يسهم في كسر العزلة الجغرافية وتعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد.