الاقتصاد

روسيا تلتف على العقوبات الأميركية عبر عملة مشفرة مدعومة من الكرملين

نجحت روسيا على ما يبدو في تجاوز العقوبات الأميركية باستخدام عملة رقمية مدعومة من الكرملين، إذ تمكنت من نقل ما لا يقل عن 6 مليارات دولار منذ أغسطس/آب الماضي، وهو الشهر الذي أُدرجت فيه بعض الكيانات الروسية في القائمة السوداء، مما يسلط الضوء على محدودية الجهود الغربية في كبح التدفقات المالية الروسية.

ووفق تحليل نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فقد تم تدمير وإعادة إنشاء أكثر من 80% من عملة “إيه 7 إيه 5” (A7A5)، وهي عملة مستقرة ضمن شبكة المدفوعات الروسية العابرة للحدود التي تعتمد على الروبل، في خطوة تهدف إلى فك أي ارتباط مع منصات تداول العملات المشفرة التي فرضت عليها واشنطن عقوبات مؤخرًا.

وتُعد هذه العملة جزءًا من نظام “إيه 7” (A7)، وهو منظومة مالية روسية متنامية للمدفوعات العابرة للحدود، جرى تأسيسها كبديل للنظام المالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي استُبعدت منه البنوك الروسية عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022.

وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت بورصة “غرينكس” (Grinex)، ومقرها قرغيزستان، على قائمة العقوبات في أغسطس/آب الماضي، في محاولة جديدة لتقييد البنية التحتية للعملات المشفرة الروسية. ويُعتقد أن “غرينكس” خلفت بورصة “غرانتكس” (Garantex)، التي أُغلقت في مارس/آذار الماضي بتهم تتعلق بالقرصنة وتمويل الإرهاب والاتجار بالمخدرات، رغم نفي “غرينكس” أي صلة بها.

وأظهر تحليل الصحيفة أنه في اليوم التالي لإدراج “إيه 7 إيه 5″ ضمن العقوبات، حُذفت محتويات محفظتين رقميتين مرتبطتين بـ”غرينكس” كانتا تحتويان على نحو 33.8 مليار توكن بقيمة 405 ملايين دولار، تمثل أكثر من 80% من إجمالي العملة المتداولة. وبعد وقت قصير، أُنشئت رموز جديدة بنفس القيمة في محفظة مختلفة، ما منح الأموال سجلًا جديدًا نظيفًا.

وتبيّن أن هذه المحفظة الجديدة شاركت في معاملات بقيمة تجاوزت 6.1 مليارات دولار منذ أغسطس/آب، واتبعت أنماطًا مماثلة لتعاملات المحافظ السابقة، حيث تتركز العمليات بين الساعة العاشرة صباحًا والثانية عشرة ظهرًا بتوقيت موسكو، مع نشاط محدود ليلًا أو في عطلات نهاية الأسبوع.

ويتيح روبوت المحادثة الخاص بالعملة المشفرة دعمًا للعملاء خلال أيام الأسبوع من العاشرة صباحًا حتى الثامنة مساءً بتوقيت موسكو، كما يمكن شراء الرمز نقدًا من قسم البيع المباشر في مقر “غرينكس” بموسكو، الذي يشارك بورصة “غرانتكس” العنوان نفسه.

وتُسجل عملة “إيه 7 إيه 5” في قرغيزستان، التي تصنفها موسكو “دولة صديقة”، فيما الجهة المصدرة هي شركة “أولد فيكتور” (Old Vector) القرغيزية التي أُدرجت أيضًا في القائمة السوداء الأميركية في أغسطس/آب الماضي.

وفي خطوة لافتة، منحت روسيا الأسبوع الماضي العملة صفة الأصل المالي الرقمي الرسمي، ما يسمح باستخدامها في المعاملات التجارية للمصدرين والمستوردين عبر منصة مملوكة لبنك برومسفياز الروسي، الذي يدعم كل رمز بالروبل. ويُعد هذا البنك من المؤسسات الخاضعة للعقوبات الغربية، ويمتلك حصة 49% من شبكة المدفوعات “إيه 7” التي تشهد توسعًا سريعًا، خاصة في الأسواق الأفريقية.

وقال الرئيس التنفيذي للبنك، بيتر فرادكوف، خلال لقائه الرئيس فلاديمير بوتين الشهر الماضي، إن “روسيا بصدد إنشاء نظام تسويات عبر الحدود يعتمد على شبكة إيه 7″، مشيرًا إلى حصول الشبكة على تمويلات كبيرة من بنك التنمية الروسي “فيب” (VEB)، المعروف بدعمه للمشاريع الاستراتيجية التابعة للكرملين.

ووفق تصريحات لرئيس الشبكة إيلان شور، وهو رجل أعمال مولدوفي يعيش في موسكو، فإن نظام “إيه 7” نقل أكثر من 86 مليار دولار خلال عشرة أشهر فقط، ما يجعله أحد أكبر أنظمة المدفوعات المستقلة في روسيا.

وأشار خبراء ماليون للصحيفة البريطانية إلى أن شبكة “إيه 7” أصبحت تمثل حاليًا جزءًا كبيرًا من السوق الروسية للمدفوعات عبر الحدود، مؤكدين أن تمويلها يأتي أساسًا من قروض مؤسسات الدولة الروسية.

وفي تقرير لمركز مرونة المعلومات (CIR) في لندن، أشار الباحثون إلى أن شبكة “إيه 7” تتوسع بسرعة بدعم حكومي مباشر، ومن المتوقع أن تزداد أهميتها السياسية والاقتصادية في ظل الضغوط الغربية واستمرار الحرب في أوكرانيا، باعتبارها أداة رئيسية لمساعدة روسيا في مواصلة تجارتها الدولية رغم العقوبات.

زر الذهاب إلى الأعلى