الاقتصاد

الذهب يكسر حاجز 4000 دولار للأوقية ويصل لمستوى قياسي عالمي

ارتفع سعر الذهب اليوم الأربعاء إلى مستوى 4045.5 دولارًا للأوقية (الأونصة)، مسجلاً أعلى مستوى في تاريخه، مدفوعًا بتزايد التوترات الاقتصادية والجيوسياسية، وتوقعات المستثمرين لمزيد من تخفيضات الفائدة من قبل الاحتياطي الاتحادي الأميركي. وبلغ الذهب في المعاملات الفورية ذروة عند 4049 دولارًا خلال الجلسة، بينما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة بنسبة 1.4% إلى 4067.6 دولارًا، بعد تسجيلها 4071.1 دولارًا في وقت سابق.

يعتبر الذهب عادة مخزونًا للقيمة في أوقات عدم الاستقرار، وقد ارتفع بنسبة 55% منذ بداية العام بعد صعوده 27% خلال 2024، مدفوعًا بعدة عوامل أبرزها زيادة مشتريات البنوك المركزية، تجدد الاهتمام بـصناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، تراجع الدولار، وارتفاع الطلب من المستثمرين الأفراد.

كما ساهم الإغلاق الحكومي الأميركي الذي دخل يومه السابع أمس الثلاثاء، وتأجيله إصدار مؤشرات اقتصادية رئيسية، في اعتماد المستثمرين على البيانات الثانوية لتوقع خفض أسعار الفائدة، حيث يتوقع المستثمرون خفض 25 نقطة أساس في اجتماع هذا الشهر و25 نقطة إضافية في ديسمبر. إلى ذلك، عززت الاضطرابات السياسية في فرنسا واليابان الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا.

أسباب الارتفاع القياسي للذهب

وليد فقهاء، مدير الاستثمار في شركة الأهلي للوساطة المالية، أرجع صعود الذهب إلى عدة عوامل:

  • التوترات التجارية الناجمة عن التعريفات الجمركية الأميركية على الدول الصناعية الكبرى، مما خلق حالة من الضبابية الاقتصادية.
  • التوترات الجيوسياسية، خصوصًا في الشرق الأوسط.
  • حالة السجال بين الرئيس الأميركي والاحتياطي الاتحادي حول السياسات النقدية، ما زاد الشكوك بشأن استقلالية البنك المركزي.
  • توقعات تراجع الاقتصاد الأميركي واحتمالية الدخول في ركود تضخمي.
  • تخطي الدين العام الأميركي مستوى 37 تريليون دولار، ما أثار مخاوف بشأن الوفاء بالديون.
  • زيادة مشتريات البنوك المركزية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، حيث تجاوزت 900 طن، إضافة إلى الطلب من صناديق الاستثمار المرتبطة بالذهب.

من جانبه، أشار مصطفى فهمي، الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات في شركة فورتريس للاستثمار، إلى أسباب اقتصادية وسياسية وجيوسياسية دفعت الذهب إلى مستوياته القياسية، بينها:

  • عمليات بيع العملات الورقية في الأسواق الأميركية والأوروبية، وتحويلها إلى ذهب كملاذ آمن.
  • تقييمات الأسهم المبالغ فيها، وارتفاع أسعار السندات، خصوصًا اليابانية، ما زاد من المخاطر على الأسواق.
  • الأزمات السياسية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، والتوترات العسكرية المحتملة بين روسيا والناتو، وإسرائيل وإيران، بالإضافة إلى استمرار النزاع الإسرائيلي في غزة.

ارتفاع الذهب أمام العملات العالمية

شهد الذهب ارتفاعات ملحوظة أمام معظم العملات الرئيسية خلال الشهر الماضي:

  • الدولار الأميركي: +10.7% شهريًا و53.5% سنويًا.
  • اليورو: +12.2% شهريًا و45.2% سنويًا.
  • الجنيه الإسترليني: +12% شهريًا و50.3% سنويًا.
  • الدولار الكندي: +12% شهريًا و57.1% سنويًا.
  • الدولار الأسترالي: +11.2% شهريًا و57.9% سنويًا.
  • الدولار النيوزيلندي: +14.6% شهريًا و64.2% سنويًا.
  • الروبية الهندية: +11.7% شهريًا و62.3% سنويًا.
  • الريال البرازيلي: +9.4% شهريًا و48.5% سنويًا.

توقعات أداء الذهب الفترة المقبلة

يشير وليد فقهاء إلى احتمال حدوث عمليات جني أرباح قد تدفع الذهب لاختبار مستوى 3750 دولارًا، لكنه أكد أن معظم البنوك المركزية تتوقع وصوله إلى 4400 دولار خلال العام الحالي.

من جهته، توقع مصطفى فهمي استمرار الزخم والطلب من الأفراد والبنوك المركزية، مع احتمالات تجاوز الذهب 5000 دولار إذا استمرت العوامل الأساسية، فيما رفع بنك غولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب في ديسمبر 2026 إلى 4900 دولار، مقابل 4300 دولار سابقًا، مع إمكانية وصوله إلى 5000 دولار إذا تضرر استقلال الاحتياطي الاتحادي.

على المدى البعيد، تتوقع مؤسسة لايت فاينانس أن يتراوح سعر الذهب بين 4812 و6546 دولارًا للأوقية بين عامي 2027 و2030، فيما رجح تقرير لشركة إنكرمنتو أن يصل السعر إلى 8900 دولار بحلول 2030 اعتمادًا على التضخم والسياسات النقدية.

نصائح للمستثمرين

  • وليد فقهاء: ينصح المستثمرين الصغار بالاحتفاظ بالذهب الذي تم شراؤه تحت مستوى 3000 دولار، والانتظار قبل الشراء عند مستويات مرتفعة، مع تنويع المحافظ بين الذهب والفضة.
  • مصطفى فهمي: شدد على ضرورة الاحتفاظ بالذهب في ظل الوضع الاقتصادي والجيوسياسي، محذرًا المضاربين من السعي وراء أرباح سريعة، لأن التصحيحات السعرية غالبًا ما تكون حادة بعد ارتفاعات قوية.

باختصار، يواصل الذهب تحطيم الأرقام القياسية مدعومًا بالضبابية الاقتصادية والسياسية العالمية، فيما يبقى ملاذًا آمنًا ومستقرًا للمستثمرين وسط تقلبات الأسواق المالية.

زر الذهاب إلى الأعلى